اسمها (فيديكس)... هذا يكفي
الفكْرَة التي
منحها أستاذ الجامعة تقدير متوسط،والتي ظلَّ صاحبها
مؤمناً بها رغْمَ صعوبتها، وربما حتى عدم وضوحها
الكامل منذ البداية.. جعلته رئيساً لشرِكَة تعتبر
الأضخم في العالم من حيثُ النقل والتوصيل بكافة
أشكاله!
والمشاريع.
أثناء دراسته الجامعية، قدم لأستاذه بحثاً
متكاماً يدور حول دراسة جدوى تأسيس لشبكة نقل خاصة للطرود والطلبيات الكبيرة، باستخدام
الطائرات والشاحنات داخل حدود الولايات المتحدة.
وفِي أثناء هذا البحث، قدم (سميث) أدلَّة
وتفاصيل تطرقت إلى أن (الطرود الصغيرة) أيضاً يمكن نقلها بواسطة شحنات مخصَّصة عبر
شبكة نقل جوية، وربما تعتبر أساس لعَمل شَرِكَة شَدِيْدَة النجاح.
كَانَت الفِكْرَة واضحة، إلا أن تفاصيلها
لم تكن واضحة له ولأستاذه، حَيْثُ بَدَأَ أن هناك الكثير مِن الثّغرات، مثل كيفيَّة
تحقيق الأرباح وخفض التّكلفة، والاستفادة الماديَّة، وتأثر حركة النقل بصعود وهبوط
سعر الوقود، وغيرها مِن العوامل الخطيرة التي لا يمكن المجازفة بعَمل شَرِكَة خاصة
تخوض فيها بهَذا الشكل.
النتيجة: منحه أستاذه تقدير (متوسط) فِي
البحث الذِي قدمه.
ومضى (سميث) وتخرج مِن الجامعة، والتحق
بالجيش الأمريكي وقضى فَتْرَة خدمته العسكرية.
إلا أن الفِكْرَة كَانَت تلمَع بشدة فِي
ذهنه طوال تلك الفترة.
وفِي العَام ( 1971 )، أقدم (سميث) على
خُطْوَة شَدِيْدَة الجنون، بشِرَاء طائرتين صغيرتين أنفق فيهما كُلّ ما ورثه عَن أبيه،
وكُلّ ما لديه مِن أموال، مؤسساً شَرِكَة (فيدرال إكسبريس)، دون حتى أن يحصل على أية
عقود مسبقة.
حصلت الشَرِكَة الوليدة على بعض العقود
الجيدة، وبدأت تسير حثيثاً لتحقيق بعض الأرباح، التي لم تكن متوافقة أبَدَاً مَع مقدار
المصروفات التي يتم بذلها، حتى جاءت الضربة الكبرى التي كادت تؤدي لانهيار المَشْرُوع
كله.
حرب أكتوبر ( 1973 ) فِي الشرق الأوسط، وقطع العرب النفط عَن العالم الغربي المؤيد لإسرائيل، وارتفاع أسعار النفط عالميا بشكل جنوني.
انهار كُلّ شَيْء فِي أيام، وبَدَأَ أن
الشَرِكَة قد انهارت بالفعل، حتى تكبد خسائر فادحة وصلت إلى قرب إعان الإفاس، ولم يبق
فِي حسابه (سميث) المصرفِي سوى عشرات الآلاف مِن الدولارات غير القادرة على تمويل شَرِكَة
بهَذا المستوى، إلا أنه ولحسن حظه، ولسعيه المحموم خال تلك الفَتْرَة للحصول على اسْتِثْمَار
مالي مِن إحدى الشركات؛ استطاعت الشَرِكَة أن تقف مَرَّة أخرى، لا لتعود لمستواها العادي..
بل للقفز إلى مستوى هَائِل مِن التّميز خال سنوات، جعلها أهم شَرِكَة نقل حول العالم.
الآن تمتلك الشَرِكَة -التي تحول اسمها
إلى (فيديكس) لاحقا- أسطول هَائِل مِن الطائرات يزيد على ال ( 400 ) طائرة، وقرابة (30) أَلْف سيارة شحن، وأَكْثَر مِن عشرين أَلْف
موقع تسلُّم وتسليم، وحوالي (300)أَلْف اتصال
يومي، وتنتشر فِي ( 119 )دولة حول العالم.